ليس المقصود من شريعة الصوم ، حرمان النفس من الطعام والشراب ، بل ما يتبع ذلك من كسر الشهوات ،وتطويع النفس ، والبعد عن ما يشين المسلم في حياته اليومية وتربية الصائم علي أمور عظام، لذا نجد أن للصوم اَداب كثيرة لا يتم صوم المسلم ولا يكتمل إلا بالقيام بها وهي علي قسمين :اًداب واجبة لابد للصائم مراعتها والمحافظة عليها واَداب مستحبة ينبغي أن يراعيها ويحافظ عليها ، في هذا المقال سوف نتعرف علي اداب الصيام الواجبة التي لابد علي الصائم اتباعها والمحافظة عليها حتي يستطيع أن يقوم رمضان ايمانا واحتسابا.
الاَداب الواجبة للصيام الصحيح
- أن يتجنب الصائم الكذب
يعاني الكثير من عادة الكذب والتى يبغضها الله وحرمها في كتابه العزيز وذلك لقوله تعالى :«فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ»وأيضا قوله « إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ» ومعظم الذين يعانون من الكذب استمروا في ممارسة هذه العادة السيئة منذ الصغر ، فهو محرم في كل وقت وفي وقت الصوم أشد تحريما ، التزم الدعاء للتخلص من الكذب ، ومن هذه الادعية قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: "اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك"
"اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، وأستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، وأستغفرك من الذنوب التي لايطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك"
- أن يتجنب الصائم الغيبة
الغِيبة : هي ذكر المسلم في غيبته بما فيه مما يكره نشره وذِكره، قال تعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ، فلا يوجد صورة أبشع من هذه الصورة ان الانسان يأكل لحم إنسان ، وهذا الإنسان أخوه وهو أيضا ميت ، ولكنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذِكرُك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه، ومن اكبر الكبائر ان يغتاب الانسان .. انسان اخر ، خطوات مهمة للتخلص من الغيبةالخطوة الأولى : تكرار الدعاء ، في السجود بين الأذان والإقامة "اللهم أجعل كتابي في عليين واحفظ لساني عن العالمين
الخطوة الثانية : في كل مرة تغتاب أحدًا تجبر نفسك أن تستغفر عنه مائة مرة.. فتكون قد حافظت على حسناتك وعوّدت نفسك على حفظ لسانك
الخطوة الثالثة :أكثرْ من هذا الدعاء ليكون قلبك سليماً لكل مؤمن وبعدها لن تغتاب : " ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا "
الخطوة الرابعة: الدفاع عن من اغتيب في وجودك ، لا تسمح بان يقال امامك كلام عم احد ورد غيبته، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "من رد عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة"
الخطوة الخامسة : عند ملاحظة التغير للأفضل احمد الله و اشكره تذكر قوله سبحانه (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
الخطوة السادسة : تذكر أن من تخلص من الغيبة فأنهُ تخلص من *ثلثي عذاب القبر*
الخطوة السابعة : استشعر جمالية طيب الذكر وتذكر قوله تعالى" " لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا"
- أن يتجنب المسلم النميمة
وهي نقل الكلام والاشاعات بين الناس بدون علم وبنية قطع العلاقات ونشر الخصوم والفساد ، وهي فساد للفرد والمجتمع ، وهي محرمة في كل حين وعلي الصائم أشد تحريما قول الله تعالي (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) وجاء في الحديث: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ». للنميمة تأثير سلبي فعّال وطويل الأمد على ثقة الشخص المستهدف عند الغالبية، تؤثر النميمة على احترام الفرد لذاته، قد تقود النميمة إلى تطور حالات من الاكتئاب والقلق عند الفرد، إضرابات الأكل، وهي حالة متطورة وخطيرة بحسب إذ ترتبط بسلوكيات الأكل المستمرة مما يؤثر على الصحة والعواطف بشكل سلبي، خطوات تساعدك علي التغلب علي النميمة التوبة النصوحة وهي عدم العودة إلى الخطيئة مرة أخرى، الاستغفار فإن الاستغفار وسيلة لطلب المغفرة والرحمة من الله تعالى والاستغفار للمغتاب به، أن يتذكّر عقوبة النميمة عند الله تعالى وما فيها من حرمان من جنّات النعيم ، طلب العفو، فإذا علم بأنّ كلامه قد وصل إلى المتكلّم عليه فليذهب إليه ويطلب منه العفو والصفح.
- غض البصر عما حرم الله
لان للعين صياما كسائر الجوارح وصيامها غضها من الحرام قال الله تعاله " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ"وهذه الاية تشير إلى المعنى الروحي وهو الطهر من الذنوب أو المعنى الجسدي وهو الوقاية من الأمراض وإجتنابها، وسنرى أننا في العصر الحاضر الذي إنتشرت فيه أمراضاً لم تكن تعرف من قبل يمكن أن يكون المعنى الثاني هو الأرجح اليوم ولو أن المعاني الأخرى التي ذكرت مهمة أيضاً والله أعلم. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة من تركها من خوف الله أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه، والرسول صلى الله عليهِ وسلم الصادق الأمين الذي لا ينطقُ عن الهوى حذر أمتهُ من الخطر منذ أكثر من أربعة عشر قرناً ولكن لم يُعرف السر في خطورة النظرة الحرام حتى بدأت تتضح وتكتمل حلقاتها ومعالمها في العصر الحاضر. وباختصار النظرة الحرام وخاصةً النظرة التي تتبع النظرة والتي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها تكون بمثابة الزناد الذي تبدأ بسببه سلسلة من التفاعلات والإفرازات الهورمونية الجنسية المعقدة التي لها تأثيراتها على كل عضو بل كل خليةٍ في الجسم،والتي تهئ الجسم والأعضاء الجنسية لعملية الاتصال الجنسي لتأدية مهمتها في استمرار النسل ولكن كلما طال وجود ودوران هذه الهرمونات في الجسم كلما إزدادَ الهدم والدمار الذي تسببه وكأنها وجدت لتدوم أقصر وقتٍ ممكن، وتواجدها أكثر من ذلك ينتج عنه الخراب والدمار وهذا ما أكد عليه الإسلام وحذر منه وهذا في الذكور خاصة وفي الاناث بدرجة أقل من ذلك .
حذر الإسلام من خطر هذه السهام السمومة إلى أبعد حد بل كاد أن يقضي على خطرها تماماً والشواهد على ذلك كثيرة من الأحاديث والسيرة النبوية العطرة وفيما يلي بعضاً من ذلك:
تجنب الغش في كل المعاملات من بيع او تجارة او صناعة ، وفي كل المناصحات والمشورات إلي غير ذلك ، مما يتعامل به الصائم مع طبقات المجتمع من حوله ، فإن الغش والخديعة لبذور الفتنة ، والفرقة بين أفراد المجتمع ، وقد جاء النهي عن ذلك في حديث أبي هريرة ان الرسول صلي عليه وسلم قال " من غشنا فليس منا".
حذر الإسلام من خطر هذه السهام السمومة إلى أبعد حد بل كاد أن يقضي على خطرها تماماً والشواهد على ذلك كثيرة من الأحاديث والسيرة النبوية العطرة وفيما يلي بعضاً من ذلك:
- نهى عن إتباع النظرة النظرة لان النظرة الثانية غالباً ما تثير الشهوة التي يرافقها ازدياد هذه الهرمونات في الدم.
- حذر المرأة من التبرج وإظهار المفاتن، حتى العطر حذرها من أن تمر على الرجال متعطرة ونعتها بالزانية إن هي فعلت ذلك لان ذلك المظهر يثير شهوة الرجال الذين يزداد إفراز الهرمونات عندهم والتي تفعل فعلها في الهدم في أجسامهم لو استمرت في الدوران والعمل مدةً طويلة.
- حذر من الخلوة بالأجنبيات أو الاختلاط بهن لنفس السبب السابق
- اللمس للأجنبية حرام لما فيه من الإثارة.
- وقلل الإسلام والى أبعد الحدود من تحريك هذه الشهوة إلا لفترة قصيرة ومن ثم قيدها لئلا تعمل عملها في الهدم والتخريب، لعلمه بقدرتها الهائلة على ذلك في كل عضوٍ بل وكل خلية.وهذا من كمال هذا الدين الذي أكمله الله بالبيان وبالقدوة العليا محمدٍ صلى الله عليهِ وسلم.